الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة تعتلي ركح مهرجان قرطاج يوم 12أوت: أمال مثلوثي تتحدث عن ألبومها الجديد «إنسان» وحفل قرطاج والثورة

نشر في  05 جويلية 2017  (11:50)

تعتلي الفنانة آمال المثلوثي يوم السبت 12 أوت ركح مهرجان قرطاج الدولي حيث ستقدم عرضا حصريا تجمع فيه بين أشهر أغانيها وأخرى من ألبومها الجديد «إنسان». حول هذا العرض الذي كاد أن يلغى وخياراتها الفنية ونظرتها للثورة جمعنا لقاء بآمال المقيمة بنيويورك والتي تقوم حاليا بجولة فنية في كلّ من السويد وكندا ولبنان وألمانيا وفرنسا وسويسرا..

ـ أطلقت مؤخرا ألبوم «إنسان» فلو تحدثينا عن مضمونه؟
الألبوم عبارة عن سفرة داخلية حاولت أن استكشف فيها المفارقات والحالات النفسية التي يمكن أن يمرّ بها الإنسان... حاولت أن أقصّ موسيقيا الأمل والخيبة، القوّة والضعف، التفاؤل والتشاؤم، الرّقة والعنف... يتضمن العمل شحنة معنوية وحسية من أقوى ما قدمته إلى حد الآن...
ـ لو تضربين لنا أمثلة عن بعض الأغاني؟
الأغنية الأولى تحمل عنوان «Instant» وهي أغنية حب نقلت فيها حالة الحزن التي كنت عليها عندما لم يتمكن الشخص الذي أحببته من التحصل على تأشيرة سفر..
ثمّ أغنية «إنسان ضعيف» التي حاولت أن أكشف فيها عيوب «السيستام» الذي يتحكم في العالم، فالكل أضحى رهين وحبيس قالب واحد، ولم يصبح بقدرة الفرد أن يقرر مصيره أو أن يحقق أحلامه أو حتى أن يفكر بعيدا عن الأنماط المتداولة. مع الأسف يتصارع الناس يوميا في الشغل ومن أجل الشغل في نسق قاتل من الصباح الى الليل، يحنون رؤوسهم بينما هناك أقلية تكدس الثروات على ظهورهم وتتحكم في العالم.. وهذه هي ميزات النظام الرأسمالي الذي يقوم على الاستغلال وخلق الأزمات ويتغذى من العنف والكراهية ويحتقر الطبيعة ويزدري الفن والحرية والأحلام..
ثمّ هناك أغنية «قداش» وهي أغنية أعدّد فيها أشكال التراجيديا التي يعاني منها البشر يوميا: الحروب، معاناة الأطفال، النساء اللاتي يتعرض للانتهاكات، النفاق، الكذب، الثورات التي وئدت في المهد.. وأغنية «Lost» (ضائع) وفيها جانب روحي حاولت من خلاله إبراز الجانب الهش الكائن في كل واحد منا...
ـ ستعتلين ركح مهرجان قرطاج الدولي يوم السبت 12 أوت، فماذا عن برنامج الحفل؟
سأقدم تشكيلة من الأغاني تتوزع بين أغاني ألبوم «إنسان» وعدد من الأغاني السابقة على غرار «ليبرتا» التي كتب كلماتها فريد الاكسترانخيرو و«ظالم» و«يا تونس يا مسكينة» و«كلمتي حرّة».
ـ صارعت من أجل المحافظة على حفلك في قرطاج؟
سميته «الحفل المستحيل» إلى درجة أنّي فكرت في إنجاز فيلم وثائقي... ورغم برمجة الحفل ـ بعد الغائه ـ مازلنا لهذه اللحظة لم نتلق أي تسبقة ولم نقتن التذاكر.
ـ قيل إنّ كلفة عرضك مرتفعة، وهذا سبب إلغاء عرضك قبل التراجع عن ذلك؟
وما المشكل إذا كانت كلفة العرض مرتفعة؟ سنكون قرابة 30 عازفا على الركح وهناك شغل كبير وراء هذا العرض، لماذا نوفر أموالا طائلة كل سنة لنانسي عجرم وإليسا وغيرهما.. وحتى أميمة الخليل ذات الصوت المميز تبرمج كل سنة في حين أنّ هناك مكانا للتونسيين أيضا.. وعلى سبيل المثال تمكنت مؤخرا من إبرام عقد لتقديم عرض بمهرجان بيت الدين بلبنان (21 جويلية) لكن الأبواب ليست مفتوحة بسهولة.. لماذا لا نثمن موسيقيينا؟ الفنان التونسي ظافر يوسف على سبيل المثال لم يصل الى قرطاج الا بعد صعوبات جمّة.
أردت تقديم عرض اركسترالي ضخم مع شغل على الأضواء وعلى  الفيديو وتنسيق كل هذا له كلفة... ما سأقدمه هو إبداع حصري لقرطاج.. الفريق كلّه سيأتي.. بصراحة العرض كلفته أقل من 100 ألف دينار..
تقليديا يتم توفير 50 ٪ كتسبقة على العرض لكن هنا في تونس لا تتم الأمور كذلك.. وهل يعقل أن تكون البقية بعد العرض؟ غير معقول.. هذه الأمور تجعلك تعيش في حالة من الضغط التي تتضارب مع الحالة الإبداعية التي من المفروض أن يكون عليها الفنان..
ـ هل بثت الاذاعات أغاني من ألبومك الجديد؟
قناة نسمة بثت بعض الأغاني عند استضافتها لي في انتظار أن تبثها بعض الاذاعات، بصراحة أعيب على الراديوهات بثها لخيارات موسيقية تجارية بينما يتوفر ريبرتوار متنوع.. لماذا يتم صمّ الأذان بموسيقى شرقية تجارية؟ موسيقى فارغة في غالب الأحيان ولماذا نحكم على المستمعين بنوعية موسيقية واحدة؟
ـ تعيشين في نيويورك، فكيف توفقين بين روحك التونسية والأجواء الأمريكية؟
فكرة الهوية تشغلني باستمرار وأعمل دائما على استكشافها.. لقد سُرقت منا هويتنا بسبب الديكتاتورية لكني عندما أسمع موسيقانا الشعبية، أشعر بأنّه علي أن أبحث عن طريق متفرد، أن أصنع «نغماتي».
لما غنيت في أوسلو بمناسبة جائزة نوبل، لامني البعض لعدم ارتدائي أزياء تونسية لكني أرفض أن أكون حبيسة قالب أو نمط معين... لا أرغب في عرض «تونسيتي» أو في تبرير هويتي، بل أفضل تقديم أعمال مثل ما يقدمه الكوريغراف مروان المدب أو مصمم الأزياء عزالدين علية على سبيل المثال.
ـ ماهو الخلل في المشهد الثقافي التونسي، وبأي عين تنظرين للساحة الفنية التونسية وأنت تعيشين في أمريكا؟
لا توجد مع الأسف تشجيعات لكي يتمكن الفنان من النجاح والبروز على المستوى الدولي، اذ لا يوجد دعم ولا تشجيع ولا هياكل تسهل لك الطريق... هناك ميزانيات في وزارة الثقافة لكنها غير مستعملة بنجاعة، لا توجد فضاءات لـ «البرايف» ولا توجد ورشات... وإن كانت هناك مبادرات فهي قليلة جدا...
وفي المقابل، تجدين من يتحكم في المشهد الإعلامي من قنوات واذاعات، باختيارات فنية سيئة.. هذا إلى جانب مشاكل أخرى مثل سوء توزيع الثروات والفوارق الاجتماعية... وهي معضلات يجب العمل على الحد منها وأوّلها العدل في توزيع الثروات وإصلاح الجباية والديوانة، هناك أموال عديد يمكن أن تفيد البلاد، فالرشوة والفساد يقتلان كلّ شيء.
ـ هل تشعرين بأنّك قريبة من تيار سياسي معيّن؟
رغم اهتمامي بما يصير في البلاد من أحداث سياسية واجتماعية، فإنّي أحبذ المساهمة في حراك البلاد من خلال الموسيقى التي أقدمها.. أنا هنا لكي أهدي الحلم، من خلال بعد فني يمس الروح ويسمو بها بعيدا... فقط..
ـ مثلت تونس في جائزة نوبل، فكيف كان شعورك آنذاك؟
كنت في حالة من الفخر والسعادة التي لا يمكن وصفها، فأن تمثل بلدك في تظاهرة من هذا الحجم مع أوركسترا سمفوني بتلك الجودة... لقد تحقق حلم راودني منذ أن وضعت موسيقى «كلمتي حرة» وقد تخيّلتها تعزف مع أركسترا كبير وكورال كبير...
وقد سبق لي سنة 2012 أن بعثت مطالب لوزارة الثقافة والمرأة، أردت أن يمولوا كليب «كلمتي حرّة» ليصور على كامل تراب الجمهورية بمشاركة عدة أشخاص من مختلف الجهات، كما حاولت تسجيل الأغنية بمشاركة فنانين من العالم العربي، وفي الأخير يئست وقلت أن ذلك لن يتحقق في حياتي، وعندما جاءت دعوة اوسلو بمشاركة أوركسترا سمفوني بـ60شخصا كان ذلك بمثابة الحلم..
ـ كبرت في الحي السكني للمناضل أحمد إبراهيم، فماهي الصورة التي بقيت في ذهنك من هذا الرجل؟
من الذكريات التي مازالت راسخة في ذهني، يوم شاركته مع ابنته في مسيرة مساندة لفلسطين، توجهنا إلى مقر التجديد حيث حملنا كمية من المناشير وانطلقنا للمسيرة إلى أن قطع طريقنا ـ بطريقة متعجرفة ـ شرطي على دراجته النارية وقد لازم سيد أحمد الهدوء وخاطبه برصانة قائلا ان المسيرة مرخص فيها... كان رجلا شجاعا رحمه الله.
ـ والدك صالح المثلوثي كان نقابيا..
 نعم، كان نقابيا وكان ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في باريس... أطرد من الشغل أيام حكم بورقيبة ثم التحق بمدرسة ترشيح المعلمين بسوسة وطيلة 23 سنة رفضت نقلته من سوسة الى تونس حيث كان بيتنا..
ـ الثورة... ماذا بقي منها؟
لايمكنني القول إن الثورة ماتت أو لم تنجح، لأنّنا تمكنا رغم كل السلبيات من تحقيق أشياء بسيطة  على رأسها حرية التعبير، اليوم لنا أمل في أن يساهم المواطنون في بناء تونس جديدة..
صحيح لنا مشاكل في مجالات عديدة، في الثقافة في الطفولة، ظاهرة انتحار الأطفال تمسني بشكل خاص... فكيف يمكن أن نحميها من العنف؟ الدولة لها مسؤوليتها، عليها أن تستنبط الحلول، ومع هذا لايمكن أن نفقد الأمل، فإذا فقدناه سنخسر كل شيء...
لي رغبة جامحة في تطوير  مشروع في علاقة بالطفولة واليتامى.. منذ أن أنجبت ابنتي، أصبحت لي حساسية خاصة تجاه الطفل الذي يجب أن نحميه قدر الإمكان من «السيستام»، يجب أن نترك له مجالا للحلم وللتعلم وللبراءة.

حاورتها: شيراز بن مراد